الدرس 2.3: مقدمة عن العلوم المفتوحة ومفاهيمها الأساسية: الوصول المفتوح والبيانات المفتوحة

ما هو العلم المفتوح:

تشترك مفاهيم الملك العام، والتراخيص المفتوحة المجانية، وتراخيص المشاع الإبداعي التي تم التحدث عنها في الفصل السابق بالفرضية الفلسفية للإنفتاح، التي تهدف لإفادة المجتمع لأقصى حد وتكون متوزعة بالتساوي حيث أن المعرفة تكون متداولة بحرية. ويمكن تطبيق هذه الفرضية في العلوم أيضا، حيث أن تسهيل الوصول المفتوح إلى المواد ونتائج الدراسات العلمية أمراً ببالغ الأهمية ليس فقط لنشر الدراسات العلمية للمجتمع المدني، بل أيضا لتحسين موثوقية الاكتشافات العلمية: النفاذ المفتوح لموارد العلوم يتمكننا من نسخ وإعادة إنتاج الدراسات.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن ظهور الإنترنت والتقنيات الرقمية يزيد ويوسع نطاق انفتاح العلوم بطرق جديدة. في الواقع، يستطيع العلماء في الوقت الحاضر تبادل البيانات بسهولة، والتعليق على الدراسات، وتبادل المنشورات الخاصة بهم عبر استخدام الإنترنت، والاستفادة من الأدوات الرقمية والمنصات. وقد تعزز تطورها من خلال الانترنت ومن خلال الاستفادة من الأدوات الرقمية والمنصات.

ويطلق على هذا النموذج الجديد اســــــــــــــــــــــــــــــم العلم المفتوح: وقد تعزز تطوره بســــــــــــبب الدعوات الأخيرة للحوكمـــــــــــــة العالمية للعلوم من المؤســـــــــــــــــــــــــــسات الأوروبية التي اعتبرت أن الانتقــــــــــــــال نحو العلوم المفتوحة هي خطوة أســـــــــــــــــــــــاسية لتعزيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــز تداول المعرفة كمحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرك لإبتكار أســـــــــــــــــــــرع وأوســـــــــــــــــــــــــــع (انظـــــــــــــــر  http : //ec.europa.eu/programmes/horizon2020/en/h2020-section/open-science-   ( See https://www.fosteropenscience.eu/content/open-science-scientific-research)

 

تعد حركة العلوم المفتوحة في بداية حياتها (https://en.wikipedia.org/wiki/Open_science يتوفر تعريف أول وتصنيف على:)، ولا يوجد هناك تعريفات رسمية مقبولة على نطاق واسع. وقد بدأت الأوساط العلمية، جنبا إلى جنب مع المؤسسات ( انظر مثلا لعمل البعثة الأوروبية : https://ec.europa.eu/research/openscience/index )، حوارا لبناء بنية أساسية مشتركة تسمح للعلماء والشركات والمواطنين بالوصول إلى مجموعة مشتركة من الموارد العلمية: يطلق عليها اسم “سحابة العلوم المفتوحة” (See https://ec.europa.eu/research/openscience/pdf/realising_the_european_open_science_cloud).

العلوم المفتوحة، وفي الوقت نفسه، من المهم أن نكون على دراية بمفاهيمها الرئيسية التي تم بناءها بشكل جيد  خاصة الوصول المفتوح والبيانات المفتوحة كونهما ركنين هامين.

 

الوصول المفتوح

وفقا لبيتر سوبير  Peter Suber ، يشير الوصول المفتوح ، إلى مخرجات الأبحاث عبر الإنترنت التي تكون خالية من جميع القيود المفروضة على الوصول (مثل رسوم الدخول) وخالية ايضا من العديد من القيود المفروضة على الإستخدام (مثل بعض حقوق الطبع والنشر وقيود الترخيص) (سوبير، بيتر. نظرة عامة على الوصول المفتوح”، 2011).

وقد قدم برنامج التمويل الأوروبي هورايزن 2020 والذي يعتبر البرنامج الأكثر صلة بالبحوث  في أوروبا ارشادات بشأن الوصول المفتوح للمنشورات العلمية والبحوث (http://bit.ly/19regtt ) التي تتطلب “أن يضمن كل مستفيد الوصول المفتوح إلى جميع المنشورات العلمية التي يستعرضها أقرانه بناء على نتائجه. ويتم تفويض الوصول المفتوح بطريقتين –دون شرط حدوثهما في وقت واحد- 1) إيداع المنشورات في المستودعات؛ (2) إتاحة الوصول المفتوح إليها.

وفيما يتعلق بالخطوة الأولى، فيمكن للباحثين الرجوع إلى البنية التحتية للوصول المفتوح للبحوث في أوروبا (OpenAIRE للعثور على مستودع مناسب (المحفوظات المسموح بها هي مستودعات مؤسسية أو قائمة على الموضوع أو مركزية). و تعتبر المستودعات التي تطالب بالحقوق على المنشورات المودعة و / أو التي تحول دون الوصول إليها ارشفة غير صالحة. وهناك االعديد من المستودعات الاخرى المفيدة مثل سجل مستودعات الوصول المفتوح ROAR، ودليل مستودعات الوصول المفتوح (OpenDOAR). ومستودع الوصول المفتوح مثل ZENODO.

ويمكن تطبيق الخطوة الثانية من خلال فتح النص الكامل في المستودع المختار (“الوصول المفتوح الأخضر)، أو نشر العمل البحثي في مجلات مفتوحة الوصول (“الوصول المفتوح الذهبي”). كما أن ما يسمى بالمجلات “الهجينة” تعتبر أيضا خيار صالح (أي المجلات التي، على الرغم من أنها تستخدم نموذجا للإيرادات يستند إلى التسجيل والاشتراك، توفر أيضا إمكانية توفير خاصية الوصول المفتوح للمواد الفردية، بشرط دفع رسوم معالجة المادة.

حين يتم اختيار الوصول المفتوح الأخضر يجب على المستفيدين ضمان الوصول المفتوح إلى المادة العلمية في غضون 6 أشهر في مجالات  العلوم والتكنولوجيا والهندسة والطب (ستيم)، و 12 شهرا بمجال العلوم الإنسانية والاجتماعية. وتعتبر سياسات الناشرين والمجلات الفردية فيما يتعلق بالأرشفة الذاتية (إيداع المقالات في المستودعات)، بما في ذلك فترات الحصار المطلوبة، متوفرة في قواعد بيانات  Sherpa RoMEO.

 

البيانات المفتوحة

البيانات المفتوحة هي البيانات التي يمكن الوصول إليها بحرية، واستخدامها، وتعديلها ومشاركتها من قبل أي شخص لأي غرض و تخضع فقط لمتطلبات تقديم الإسناد و / أو المشاركة على حد سواء، على الأكثر. تتسم البيانات المفتوحة مقارنة بأطر الملكية – من الناحية القانونية والتقنية – بقيود أقل تطبق على تداولها وإعادة استخدامها لتعزيز التعاون والإبداع والابتكار.

وفقا لتعريف مصطلح “مفتوح” ، وحتى يتم اعتبار البيانات كبيانات مفتوحة يجب أن تكون:

يشير دليل البيانات المفتوحة أن هناك ثلاثة خصائص للبيانات حتى  تكون مفتوحة:

التوافر والوصول: يجب أن تكون البيانات متاحة بكاملها وبتكلفة إعادة إنتاج معقولة، ويفضل أن يتم تنزيلها عبر الإنترنت. ويجب أن تكون البيانات متاحة أيضا في شكل مناسب وقابل للتعديل.

إعادة الإستخدام وإعادة التوزيع: يجب تقديم البيانات بموجب شروط تسمح بإعادة الإستخدام وإعادة التوزيع بما في ذلك دمجها مع بينات أخرى.

المشاركة العالمية: يجب أن يكون الجميع قادرين على استخدام وإعادة استخدام وإعادة توزيع البيانات – يجب ألا يكون هناك تمييز ضد المجتمعات الساعية للعلم والمعرفة أو ضد الأشخاص أو الجماعات. على سبيل المثال، لا يسمح بالقيود “غير التجارية” التي تمنع الاستخدام “التجاري”، أو قيود الاستخدام لأغراض معينة (مثلا في التعليم).

ويسهم مفهوم “قابلية التشغيل البيني” باعطاء فهم اوسع للبيانات المفتوحة حيث يشير  إلى قدرة النظم والمنظمات المتنوعة على العمل معا (التشغيل المتبادل). في هذه الحالة، هو القدرة على التشغيل البيني أو الاختلاط مع مجموعات بيانات مختلفة. و تبلغ اهمية قابلية التشغيل البيني بانه يسمح لمكونات مختلفة بالعمل معا. وتعتبر القدرةعلى ربط “المكونات معا” أمر ضروري لبناء أنظمة كبيرة ومعقدة.  ويكون هذا شبه مستحيل بدون قابلية التشغيل البيني – كما يتجلى في أسطورة برج بابل الأكثر شهرة حيث أدت القدرة على التواصل (للتشغيل المتبادل) إلى انهيار كامل للجهود لبناء البرج.

إننا نواجه وضعا مماثلا فيما يتعلق بالبيانات. فجوهر “المشاع والعمومية” للبيانات (أو البرمجيات) هو أن جزء واحد من المواد “المفتوحة” يمكن مزجه بحرية مع المواد “المفتوحة” الاخرى . إن قابلية التشغيل البيني هذه ضرورية تماما لتحقيق الفوائد العملية الرئيسية “للانفتاح”: وهي القدرة المعززة بشكل كبير على الجمع بين مجموعات بيانات مختلفة معا، وبالتالي تطوير منتجات وخدمات أكثر وأفضل (تناقش هذه الفوائد بمزيد من التفصيل في القسم الخاص ب “لماذا” البيانات المفتوحة.) ومن الضروري التمييز بين قابلية التشغيل البيني القانوني والتشغيل البيني التقني والتشغيل البيني الدلالي (See F. Morando, https://www.jlis.it/article/view/5461).

إن توفير تعريف واضح للانفتاح يضمن القدرة على الجمع بين مجموعتين مفتوحتين من مصدرين مختلفين، وتجنب “برج بابل” الخاص بنا حيث الكثير من مجموعات البيانات مع قدرة قليلة أو معدومة لدمجها معا في النظم الأكبر حيث تكمن القيمة الحقيقية (http://opendatahandbook.org/guide/en/what-is-open-data).

تقوم العديد من المؤسسات العامة والمنظمات في جميع أنحاء العالم بتطوير بوابات البيانات المفتوحة. وتقوم هذه البوابات بتسهيل الوصول إلى معلومات القطاع العام وإعادة استخدامها (https://ec.europa.eu/digital-single-market/en/open-data-portals). وتكون هذه الواجهات على شبكة الإنترنت مصممة لتسهيل العثور على المعلومات القابلة لإعادة الاستخدام. مثل فهارس المكتبة، فإنها تحتوي على سجلات البيانات الوصفية لمجموعات البيانات المنشورة لإعادة الاستخدام، ويكون معظمها متعلق بمعلومات على شكل بيانات أولية ورقمية وليس مستندات نصية. وتقوم بتسهيل ، العثور على مجموعات البيانات المرغوبة باستخدام عناصر البحث المحددة. كما تتوفر في كثير من الأحيان واجهات برمجة التطبيقات (أبيس APIs)، التي تتيح الوصول المباشر والآلي إلى البيانات الخاصة بتطبيقات البرمجيات.

تعد بوابات البيانات المفتوحة عنصرا مهما لمعظم مبادرات البيانات المفتوحة. في حين انها تقوم بدعم السياسة من خلال توفير سهولة الوصول إلى البيانات المنشورة،  الا انها تعمل أيضا كعامل محفز لنشر المزيد من البيانات بنوعية افضل. وفيما يتعلق بالإدارات المُلزَمة أو الراغبة في نشر بياناتها، فإنها تتيح ميزة إتاحة الوصول للجمهور دون الحاجة إلى الرد على الطلبات الفردية للحصول على البيانات. تستخدم بوابات البيانات المفتوحة أساسا من قبل الإدارات العامة على المستوى الأوروبي والوطني والمحلي، لأنها تنشر مجموعة كبيرة ومتنوعة من البيانات. ولكن تقوم العديد من الشركات بفتح بعض بياناتها للمطورين لإعادة استخدامها.

ومن الأمثلة البارزة على بوابات البيانات المفتوحة التي تحتفظ بها الإدارات العامة في أوروبا ما يلي:

 

يعتبر القطاع العام أحد المنتجين الرئيسيين وأصحاب البيانات المفتوحة على جميع المستويات الإدارية، الذي يتراوح بين الخرائط وسجلات الشركات مثلا. ازداد خلال السنوات الأخيرة حجم وتنوع البيانات المفتوحة الصادرة عن الإدارات العامة ، في جميع أنحاء العالم نموا ملموسا: يعطي التعداد المفتوح للبيانات من مؤسسة المعرفة المفتوحة لمحة عامة عن الكم الهائل من البيانات المتاحة للجمهور. (Open Knowledge International is a global non-profit organisation focused on realising open data’s value to society by helping civil society groups access and use data to take action on social problems)

وعلاوة على ذلك، تم اختيار سلسلة من المؤشرات لقياس نضج البيانات المفتوحة في جميع أنحاء أوروبا. وتغطي هذه المؤشرات مستوى تطوير السياسات الوطنية التي تعزز البيانات المفتوحة، وتقييم المزايا والخدمات التي تقدمها بوابات البيانات الوطنية، فضلا عن الأثر المتوقع للبيانات المفتوحة.

تعمل العديد من المؤسسات مثل معهد البيانات المفتوحة (ODI) ومؤسسة المعرفة المفتوحة OKF  مع الشركات والحكومات من أجل بناء نظام تنافسي مفتوح وموثوق للبيانات حيث يمكن  للناس اتخاذ قرارات أفضل باستخدام  البيانات ومعالجة آثارها الضارة. كما أنهم يقومون بتشجيع البمادرات التعليمية والتدريبية للمواطنين ( على سبيل المثال راجع مدرسة البيانات ).