الدرس 5.3: التعليم الشبكي

 بحكم تعريفها، تعزز المصادر التعليمية المفتوحة التعاون بين منتجي المحتوى، ومستخدميه، ومحسنيه، ومن يعيدون استخدامه. وبالمنطق نفسه، تستند الممارسات التعليمية المفتوحة بقوة أيضا إلى التعاون، لا سيما من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. فوفقا لمركز التعلم والتعليم المفتوح في جامعة ميسيسيبي، تعرَّف الممارسات التعليمية المفتوحة، بأنها تقنيات التعليم التي تعرّف الطلاب على تجمعات إنتاج الأقران (peer production communities) على الانترنت. فهذه التجمعات (ومنها ويكيبيديا، ويوتيوب، وأوبن ستريت ماب Open Street Map) تضم تجمعات ديناميكية، وتوفر بيئات تعلمية غنية. ويعتبر التعلم التعاوني من خلال الإنترنت مثالا هاما على ما يعنيه “التعليم من خلال التشبيك”. هناك أنشطة نموذجية أخرى يتميز بها المربّون المنفتحون، وهي التصميم التعاوني للمقررات، والتعاون المفتوح في مجال البحوث، وغيرها الكثير. وكخطوة أولى، يمثل التواجد على الشبكات الاجتماعية الأكثر صلة بالموضوع شرطا أساسا، كما أن التواصل مع الأقران من أجل تبادل الأفكار والمعرفة يصبح أكثر فأكثر هو القاعدة.

 

 

ما هو التعلم التعاوني من خلال الإنترنت ؟

تصف هارازيم Harasim (2012) التعلم التعاوني من خلال الإنترنت كالآتي (ص 90):

“توفر نظرية التعلم التعاوني من خلال الإنترنت نموذجا للتعلم يشجع الطلاب ويدعمهم للعمل معا لإنتاج المعرفة: ليخترعوا، وليستكشفوا سبلا للابتكار، وليسعوا- من خلال قيامهم بذلك- إلى معرفة المفاهيم اللازمة لحل المشاكل بدلا من تسميع ما يعتقدون أنه الجواب الصحيح. وفي حين تشجع هذه النظرية المتعلم على النشاط والمشاركة، إلا أن هذا لا يعتبر كافيا للتعلم   أو بناء المعرفة …… ففي هذه النظرية يلعب المعلم دورا رئيسا، ليس بوصفه متعلما زميلا، بل بوصفه حلقة الوصل مع مجتمع المعرفة، أو مع أحدث ما توصل إليه العلم في ذلك الحقل. ويُعرّف التعلم بأنه تغيير مفاهيمي وأمر جوهري لبناء المعرفة، لذا يجب أن تسترشد أنشطة التعلم وتهتدي بالمعايير الخاصة بحقل المعرفة، وبخطاب يركز على التعلم المفاهيمي ويؤدي إلى بناء المعرفة”.

ظهرت منتديات النقاش على الإنترنت في السبعينيات، وانتشرت على نطاق واسع نتيجة لتآلف عدة عوامل شملت اختراع الشبكة العالمية في التسعينيات، والوصول السريع جدا إلى الإنترنت، وتطوير نظم إدارة التعلم التي يشتمل معظمها الآن على مساحة للنقاش على الإنترنت، إلا أن هنالك بعض الاختلافات بين هذه المنتديات المخصصة للنقاش على الانترنت، والحلقات الدراسية التي تنظم داخل الصفوف:

 

 

إنشاء نقاش هادف على الإنترنت

هناك العديد من مبادئ التصميم المرتبطة بإنشاء نقاش ناجح (على الإنترنت)، ومنها:

 

 

قضايا ثقافية ومعرفية

لدى الطلاب الذين يدخلون التجربة التعليمية توقعات وخلفيات مختلفة. وغالبا ما يؤدي ذلك إلى ظهور اختلافات ثقافية كبيرة بينهم فيما يتعلق بالمشاركة في التعلم التعاوني المستند إلى المناقشة، وهو ما يعكس في نهاية الأمر الاختلافات العميقة المتعلقة بتقاليد التعلم والتعليم. لذلك يجب أن يدرك المعلمون أنه من المحتمل، في أي صف دراسي، وجود طلاب يواجهون صعوبات لغوية، أو ثقافية، أو معرفية، بيد أن هذه المسألة تكتسب أهمية خاصة عندما يتعلق الأمر بالصفوف الدراسية على الإنترنت المفتوحة للطلاب من أي مكان في العالم.

يوجد في العديد من البلدان تقليد قوي يتعلق بالدور السلطوي للمعلم، وبنقل المعلومات من المعلم إلى الطالب. وفي بعض الثقافات يعتبر الاعتراض على آراء المعلمين أو انتقادها، أو حتى على آراء الطلاب الآخرين، تعبيرا عن عدم الاحترام. وفي الثقافة السلطوية المتمركزة حول المعلم، قد تعتبر آراء طلاب آخرين في غير محلها أو غير مهمة. وهناك في ثقافات أخرى تقليد شفهي قوي، أو تقليد يقوم على سرد القصص، لا على التعليم المباشر.

 

 

نقاط القوة والضعف في التعلم التعاوني من خلال الإنترنت

تختلف هذه المقاربة لاستخدام التكنولوجيا للتعليم، اختلافا كبيرا عن المقاربات الأكثر موضوعيةobjectivist  في حالات التعلم بمساعدة الحاسوب، والآلات التعليمية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تهدف في الأساس، إلى استخدام الحوسبة على الأقل لاستبدال بعض الأنشطة التي يقوم بها تقليديا المعلم البشري. أما في حالة التعلم التعاوني من خلال الإنترنت، فالهدف ليس استبدال المعلم، وإنما استخدام التكنولوجيا لغرض أساس هو تعزيز وتحسين التواصل بين المعلم والمتعلمين، باستخدام مقاربة محددة لتنمية التعلم، مستندة إلى بناء المعرفة من خلال خطاب اجتماعي يساعد على هذا البناء وينميه. فهذا الخطاب الاجتماعي ليس أمرا عشوائيا، وإنما يدار بطريقة تؤدي إلى “إسناد” التعلم:

 

ولذا فإن هناك نقطتا قوة رئيستان لهذا النموذج، وهما:

 

في المقابل، هناك بعض القيود على هذا التعلم، وهي: