الدرس 4.4. إدارة التنوع في مجموعات المتعلمين
(مصدر الصورة: Free Press CC by-nc-sa 2.0)
عادة ما تستهدف الموارد التعليمية المفتوحة مجتمعاً من المستخدمين المتفاعلين. وتعتمد أنماط الاتصال والتبادل جزئياً على تعريف المجتمع الممارس. كما تضع اللغة المستخدمة حدوداً للجهور المحتمل وخاصية المشاركين. ويحدد السياق المؤسسي والملف الشخصي إضافة الى المنطقة ذات العلاقة التصميم الاجتماعي التكنولوجي للمساقات الجماعية الالكترونية المفتوحة المصدر وللمنتديات التعليمية وغيرها من الموارد التعليمية المفتوحة. ويختبر هذه الدرس كيفية تعريف و إدارة المجتمعات الممارسة.
غالباً ما تقدم الموارد التعليمية المفتوحة من خلال مجموعة من المكونات المختلفة (من حيث المنطقة الأصلية أو اللغة أو القيم) وعادة ما يكون الفرق التي تتكون من أفراد من ثقافات مختلفة مبدعين ومساهمين في تقديم طرق جديدة لحل المشاكل. ولكن هناك تحدٍ في إيجاد الانسجام والاندماج ضمن المجموعة، وقد يسهم التنوع في إيجاد تعارض أو سوء فهم. في هذا الدرس، سنقدم نتائج “التنوع الكبير” والتفاعل بين الأغلبية و الأقلية و غيرها من أشكال التواصل بين الجماعات المختلفة.
كيف تحدد مجتمعاً ممارساً ذو مغزى ثقافي
تختلف المساقات التالية في تصميمها الاجتماعي التكنولوجي:
- تستخدم جامعة ألمانية مقرراً لتنسيق أعمال التخرج لكافة طلاب السنة الأخيرة من خلال مودل.
- تطلق مؤسسة خاصة في الأردن مساقاً للهندسة الكيميائية باللغة العربية يتم تطبيقه في ساكاي.
- يصمم الاتحاد الأوروبي مساقاً عبر الإنترنت باللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية تحضيراً للسفر الدولي لطلاب برنامج ايراسموس من مختلف الجنسيات و اللغات ويتم تعليمه من خلال بلاكبورد.
- يقدم ائتلاف جامعات من أمريكا الشمالية مساقاً في تحليل الشبكة الاجتماعية يتم إجراؤه من قبل واحد من قادة المنطقة و هو مفتوح للمشاركين من أنحاء العالم.
- تجري جامعة تشيلية مساقاً باللغة الإسبانية عن تطبيق مشاريع التدخل الاجتماعي في المجتمعات المهمشة في أمريكا اللاتينية.
تتنوع كل من هذه المساقات من حيث استخدام نظام إدارة التعلم واللغة وظروف الوصول والمجموعة المستهدفة. فالاختلاف لا يقتصر على استخدام برمجيات مختلفه، وإنما أيضاً على “تصميم اجتماعي” خاص بهذه المساقات. وبغض النظر عن كون المساق أكثر أو أقل انفتاحاً، فإن المساقات تختلف من ناحية المجتمع الممارس الذي تم تحديده، وبالتالي الجمهور الذي سوف يتم توجيه المساق له.
- تعتبر اللغة واحدة من العناصر التي تساهم في وضع الحدود بما أنها تتضمن مجتمعاً محدداً من المتحدثين.
- ثانياً، هناك متطلبات عضوية للمؤسسة والمجموعة من شأنها أيضا أن تحدد المجتمع الممارس. إحدى المساقات تتطلب أن تكون طالباً في جامعة محددة، ويتطلب مساقاً آخراً أن تكون طالباً في برنامج ايرسموس، وآخر يتطلب بشكل ضمني أن تكون جزءاً من المعنيين في تنمية المجتمع في أمريكا اللاتينية.
من جهة أخرى، وبغض النظر عن التحديد البديهي المسبق للجمهور المستهدف، فان تطبيق المساق يستلزم ديناميكيات اجتماعية معينة تحدد إمكانية الوصول والاستخدام النهائي للمورد. فمثلا، يمكن توجيه مساق الهندسة الكيميائية الذي يتم طرحة باللغة العربية بشكل عام إلى طلاب من دول المغرب العربي ومنطقة الشرق الأوسط. لكن في الممارسة، فإن نوع اللغة العربية المستخدم يمكن أن يجعل الطلاب في الأردن و فلسطين يشعرون براحة أكبر تجاه اللغة المستخدمة أكثر من الطلاب الذين في المغرب وتونس. وقد يكون مثال الكيمياء الصناعية أكثر ارتباطاً بدولة دون الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، فان درجة تباين المشاركين في المنطقة يمكن أن تؤثر على نوع التفاعل ودرجة المشاركة التي تحدث في المنتديات.
وفي المجمل، حتى لو كان الهدف تشجيع التعليم المفتوح، فانه يشترط وجود مجموعة من العوامل الاجتماعية والمؤسسية في المجتمع الممارس الفعال الذي يمكنه الوصول في النهاية إلى المساقات والاستفادة من موارد التعلم.
التعلم في المجموعات متعددة الثقافات
يؤثر التنوع الثقافي على أداء مجموعات العمل. ويؤثر التغاير الثقافي على ترابط المجموعة ويزيد من احتمالية التعارض. لكنه يزيد أيضاً من الإبداع والشعور بالرضى لدى المشاركين (ستال، مازنيفسكي، فويت وجونسين، 2010). تحدث هذه التأثيرات بين المجموعات ذات الثقافة القومية المختلفة و داخلياً، على سبيل المثال، مع التنوع الذي تقدمه الأقليات العرقية داخل الثقافة القومية، ومنطقياً، قد تكون هناك فروقات تعتمد على حجم المجموعة أو تشتتها أو نوع استراتيجيات الإدارة التي يتم تطوريها.
وبعض المشاكل التي تظهر في مجموعات العمل متعددة الثقافات مرتبطة باللغة و أسلوب التواصل و طريقة اتخاذ القرارات:
- يواجه الأعضاء ذوي الإمكانيات اللغوية الأدنى صعوبة أعلى في المشاركة، وتواجه المجموعة صعوبة أكبر في التعرف على قدراتها. وهذا لا يؤثر فقط على التواصل، وإنما أيضا على الدافع لدى المشاركين.
- يمكن أن يكون أسلوب التواصل لدى كل من المشاركين مباشراً بشكل أكبر أو أقل بالاعتماد على خلفيتهم الثقافية. على سبيل المثال، عادة ما يقول الأمريكي أموراً بشكل أكثر انفتاحاً مقارنة بالصيني، الذي غالبا يستخدم أسلوبا غير مباشر للتواصل.
- يختلف الأعضاء في سرعة العمل، والوقت الذي يقضونه في التناظر ومدى توافق أسلوبهم التراضي بشكل أو بآخر في اتخاذ القرارات. وهذا يجبر المشاركين على تعديل سرعة وتوقعات عمل المجموعة.
تخيل المثال التالي: في المساقات الجماعية الالكترونية المفتوحة المصادرالتي يتم تدريسها في جامعة في أمريكا الشمالية، تم تشكيل مجموعات الطلاب لتنفيذ مهام لكل وحدة دراسية. وتم العمل في مجموعة من خلال أداة للدردشة. وفي احدى المجموعات، يوجد طالبان يابانيان وستة طلاب من أمريكا الشمالية. خلال اجتماع المجموعة، يتولى العديد من الأمريكيين القيادة ويقدمون اقتراحاً مقبولاً لدى الغالبية. وعندما يحين موعد الانتهاء من النشاط، يقول واحد من الطالبان اليابانيان أنه لا يتفق مع النتيجة ويعيد فتح المناظرة. حظي الطالبان اليابانيان بفرص أقل للمشاركة لأن قدرتهما في اللغة الإنجليزية أقل. فعندما يقومان ببناء أفكارهما باللغة الإنجليزية، تكون المجموعة قد انتقلت لمناقشة الموضوع التالي. بالإضافة إلى ذلك، هما يفترضان أنه من المهم أن تتوصل المجموعة إلى الإجماع حتى لو كان ذلك يعني مزيداً من الوقت للمناظرة أو سرعة أقل في النقاش. لذلك تواجه المجموعة مأزقاً سواء في إنهاء المهمة (مع عدم راحة اثنين من أعضائها) أو في إعادة بدء المناظرة التي اعتقدوا أنها قد انتهت.
وحتى تُدار المجموعات متعددة الثقافات بفاعلية، تم اقتراح ما يلي من بين استراتيجيات أخرى: (أ) إدراك الفروقات ومواجهتها مباشرة (ب) أو تعديل تركيبة المجموعة (ج) أو وضع مبادئ معين للتعاون (د) أو حتى حذف أعضاء من المجموعة عندما لا تنجح الخيارات الأخرى (بريت، بيفار وكين، 2006).
فيما يلي بعض الاستراتيجيات لإدارة مجموعات التعلم متعددة الثقافات توضحها الأمثلة التالية:
الاستراتيجية | المثال |
تشجيع الوعي الثقافي بحيث يتأقلم أفراد المجموعة على العمل بالفروقات الموجودة بين الأفراد. | يقرر مساق جماعي الكتروني مفتوح المصدر موجه “للوطن العربي” أن يدمج وحدة دراسية للاستعداد للتواصل بين الثقافات، الأمر الذي يشجع الوعي بالفروقات الثقافية في المنطقة، ويقدم تدريباً على مهارات التواصل بين الثقافات.
|
تصميم تركيبة المجموعات لمنع التنازع أو مشاكل التواصل أو الصور النمطية المتبادلة. | يضع مدرس المبدأ التالي لتنظيم مجموعات عمل الطلاب: “لا يمكن لطلاب برنامج ايراسموس للتبادل الثقافي للطلاب أن يشكل مجموعة واحدة بينهم، لكن يتوجب توزيعهم بين مجموعات الطلاب المحليين.” بالتالي لا يتم عزل طلاب ايراسموس في الصف ويكون لدى الطلاب المحليين فرصاً للتواصل بين الثقافات.
|
إعادة تنظيم الفرق عندما يتم تقسيم المشاركين إلى مجموعات فردية محددة ومن ثم تبدأ المشاكل بالظهور. | في مساق يضم طلاباً من أربع جنسيات، يقرر المدراء تنظيم مجموعات صغيرة من 25% من كل جنسية. بهذه الطريقة تندمج المجموعات مع بعضها البعض (لا يتم عزلها) ويتم منع حدوث موقف الأغلبية – الأقلية.
|
التوسط بتدخل مباشر من المشرف أو المنسق. | يشرف الطلاب الذين سبق لهم العمل في مجموعات متعددة الثقافات على الطلاب الذين يخوضون هذه التجربة للمرة الأولى.
يتوسط المدرسين في حالة التنازع أو سوء الفهم في مجموعات العمل الطلابية.
|
العلاقات بين الجماعات
تقوم شبكة تعليمية من أمريكا اللاتينية ببرمجة اجتماعاً مرئياً بالفيديو مع عدة مدارس ثانوية. إنه مشروع “تعاون افتراضي صفي.” شارك طلاب من الأرجنتين وتشيلي وكولومبيا والإكوادور في برامج التبادل وقدموا محاضراتهم عن الطبيعة في بلدانهم ومن ثم فتحوا مناظرة عن البيئة. ولتسهيل النقاش، استخدم كل واحد منهم مادة تعليمية عن البيئة في أمريكا اللاتينية سبق لهم اختيارها من بين الموارد التي لها رخصة المشاع الإبداعي في كوريكي. بالإضافة إلى ذلك، اختار المدرسون من خلال المنتديات في المجتمع الخاص بالتربويين تلك الأجزاء من المادة التي يصادف وجودها في مراكز تعليمية مختلفة ويمكنها أن تتيح مشاركة الآراء بين المشاركين من البلدان المختلفة المعنية. وكان جميع الطلاب المشاركين في المؤتمرات المرئية بالفيديو من مناطق مدنية باستثناء ممثلي الإكوادور الذين يعيشون في منطقة ريفية وهم من أقلية ساراغورو. أخيراً، كانت مشاركة هذه المجموعة في المناظرة نادرة وشعرت بالإقصاء وأعطت تقييماً سلبياً للتجربة.
قد يكون هذا مثالاً على حالة الأغلبية – الأقلية الذي كان فيه لجماعة الأقلية حالة ثانوية في التفاعل. إنها حالة لعلاقة بين الجماعات التي تتم فيها ملاحظة حدوث تنافس أو تضارب أحياناً بين الجماعات نتيجة لخصائص (أ) التفريق بين المجموعات (ب) الانحياز للمجموعة التي ينتمي إليها الفرد (ج) والمقارنة الاجتماعية.
تتأثر عادة العلاقات بين الجماعات بالهوية الاجتماعية التي يدركها الأفراد في التواصل. وفقاً لذلك، ولتجنب الإجحاف والتمييز بين الجماعات، تم اقتراح عدة استراتيجيات ترتكز على التلاعب بالفئات الاجتماعية:
- إضفاء الشخصنة. تتألف هذه الاستراتيجية من تشجيع العلاقات الشخصية بحيث تفقد العضوية في المجموعة الثقل في التفاعل. في حالة سابقة، تم التمكن من تطوير حوارات غير رسمية بين الطلاب قبل بدء النشاط الأكاديمي المجدول. على سبيل المثال، يمكن للطلاب في بيونس آيرس الدخول في اتصال مسبق عبر سكايبي مع طلاب ساراغورو. تساعد التبادلات الشخصية على كسر الصورة النمطية التي تعرفهم كجماعة مغايرة من خلال عملية “عدم التصنيف إلى فئات.” تعتمد هذه النتيجة إلى حد كبير على إجراء تواصل مطول و إيجابي.
- إعادة التصنيف إلى فئات. تتألف هذه الاستراتيجية من انشاء وتشجيع فئات حصرية. على سبيل المثال، تشمل فئة “أمريكا اللاتينية” الفئات القومية المختلفة، وهذه بدورها مقسمة إلى فئات عرقية (كما في حالة أقلية ساراغورو). هذا عنصر يمكن التعامل معه مؤسسياً من خلال نشر النشاط وعملية اختيار الطلاب وفي تنفيذ المساق.
- تحديد الفئات. من الممكن أيضاً استخدام الفئات المتعددة لإيجاد مساحات مشتركة. على سبيل المثال، قد يحدث أن عدة مجموعات من الطلاب يختلفون عرقياً لكن يتشابهون في الجنسية أو الدين أو الاتحادات التي يشاركون فيها أو في الاهتمامات الرياضية والسياسية. فإيجاد فئات مشتركة بين طلاب ساراغورو والبقية يمكن أن تسهم في تحسين العلاقات بين الجماعات.
إن تطوير العلاقات الإيجابية بين الجماعات يمكن أن يسهل الاستخدام الجيد للموارد التعليمية المفتوحة.