الدرس 4.3 : بيئات التعلم الشخصي والتنوع في الشبكات
Come_IN@Palestine
تعتبر Come-IN تجربة بنوادي الحاسوب في ألمانيا لتشجيع تطوير المهارات الرقمية وتسهيل الاندماج المجتمعي في الأحياء ذات النسب العالية من المهاجرين. وعادة ما تُعقد في غرف الحاسوب حيث تقدم تدريباً على استخدام البرمجيات. لكنها تعمل أيضاً كفضاء للتواصل بين المهاجرين الجدد. تظهر النتائج أن نوادي الحاسوب Come-IN تساهم في الترابط الاجتماعي والاندماج في ألمانيا.
بين عامي 2012 و2013، تم عقد نادي حاسوب Come-IN في مخيم للاجئين في فلسطين. وتم تطبيق البرنامج كجزء من مشروع تعاون تنموي بالتعاون من مروجي هذا البرنامج في ألمانيا وجامعة بيرزيت (في رام الله)، حيث أدت مجموعة صغيرة من طلاب الجامعة الفلسطينية دورا كمعلمين ومسهلين لأندية الحاسوب في مخيم اللاجئين.
وبشكل عام، فان طريقة تطبيق البرنامج مماثلة لتطبيقها في ألمانيا. لكن كانت هناك أيضاً بعض الفروقات في الاهتمام. على سبيل المثال، فرضت حالة اللجوء لدى المشاركين وظروف الحياة الصعبة في المخيم تحديات محددة أثناء تطبيق البرنامج. من جهة أخرى، شاركت مجموعة من الفتيات في نادي الحاسوب. بالنسبة لهن، كانت واحدة من أولى التجارب التعليمية في سياق يخلو من التفريق بين الجنسين. ورغم الصعوبات التي فرضها هذا الأمر، الا أنه خلق تجربة تعلم لكل من المشاركين وكذلك الممهدين للمداخلات.
اقرأ الحالة كاملة في: آال يروسيس، هورنونغ، ستيكل وولف (2014).
يعد هذا مثالاً عن المزج الثقافي في سياق التعاون الدولي. تعمل برامج التعاون التنموية غلى جمع مجموعات ثقافية اجتماعية متنوعة، الأمر الذي يولد اختلافات عند التفاعل تؤدي الى تكييف كلا الطرفين. ومن المحتمل الألمان وجدوا أنفسهم في بيئةٍ يكون انسجام المجموعات و تآلفها أكثر أهمية من التطبيقات السابقة لأندية الحاسوب. من ناحية أخرى، خاض المشاركون الفلسطينيون تجربة من خلال تنظيمهم في مجموعات مختلطة من الجنسين لم يعتادوا عليها من قبل. ونتيجة لذلك، فان كلا الطرفين تفاعلا و تكيفا مع التغير بطريقة ما.
يتألف المزج الثقافي بالضبط من التغيرات في السلوك أو التصرفات لدى الأفراد أو الجماعات التي تمر بتجربة من التواصل الطويل بين الثقافات. وتحدث حالة مشابهة لذلك فيما يتعلق بالموارد التعليمية المفتوحة، حيث أن عدم وجود قيود للمشاركة تتحتم على مجموعة من المتعلمين من الأصول والجنسيات والثقافات القومية المختلفة أن تتواصل مع بعضهم البعض. في الخطوة التالية، سوف نعرض وصفل للنتائج المختلفة للمزج الثقافي.
الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=YMyofREc5Jk
المزج الثقافي بين مستخدمي ومطوري الموارد التعليمية المفتوحة
يعرض جون بيري نموذجاً بسيطاً يصف فيه استراتيجيات المزج الثقافي المتبعة من قبل الأفراد أو الجماعات. وهي تصف بالتحديد أربع استراتيجيات أساسية تعتمد على (أ) اهتمام المرء بالاحتفاظ أو عدم الاحتفاظ بثقافته (ب) والاهتمام بإقامة العلاقات أو عدم إقامة العلاقات مع أفراد من المجموعة الأخرى:
- الامتصاص: يتخلى الفرد عن ممارساته الثقافية الخاصة ليتم امتصاصه من قبل مجموعة ثقافية أخرى. ويكون هذا بتبني الثقافة الجديدة إلى درجة إنكار التقاليد والقيم والتجارب السابقة ويتكبد الفرد تكلفة شخصية للحصول على فرص جديدة.
- العزل: يحافظ الفرد على ثقافته الخاصة ويرفض انخراطه في الثقافة الجديدة. يتألف هذا من سلوك ثبات الفرد على ثقافته الخاصة ورفض الفرص المعروضة عليه من قبل المجموعة الأخرى. وهي حالة من التقوقع و الانطوائية و تكرار الثبات على القيم و العادات دون اهتمام بالتواصل مع أناس من سياق ثقافي آخر. وهذا السلوك يوصد احتمالات المخالطة الاجتماعية والتعلم في السياق الجديد.
- الاندماج: يحافظ الفرد على بعض من خصائصه الثقافية بينما يشارك بنشاط في السياق الاجتماعي الآخر. ويفهم الاندماج على أنه عبارة عن توليف شخصي وإبداعي للثقافيتين محل التواصل. فلا يوجد حل وحيد ممكن، وإنما مساحة للتعامل بطريقة إيجابية مع الاتصال الثقافي ومزج كلا التجربتين الثقافيتين يحقق الإبداع و الجهود، ولكنه عادة ما يعطي نتائج جيدة من وجهة النظر النفسية والاجتماعية.
- التهميش: النتيجة النهائية الممكنة للاتصال بين الثقافات هي التشويش أو غياب الوضوح بالنسبة للأفراد المعنيين. ويمكن للجماعة أو الفرد أن يفقدوا إطار مرجعيتهم دون معرفة كيفية دمج التجارب الجديدة في خطاب هادف. إنها النتيجة التي تظهر مرتبطة بشكل متكرر بحالات الإقصاء.
أربع استراتيجيات للمزج الثقافي
العلاقات مع المجتمع الأوسع |
الحفاظ على الهوية الثقافية | ||
نعم | لا | ||
نعم | الاندماج | الامتصاص | |
لا | العزل | التهميش |
خذ المثال التالي بعين الإعتبار:
أستاذ مكسيكي يأخذ زمالة زائرة لمدة عام كأستاذ في الولايات المتحدة. وعادة ما يرتدي سترة وربطة عنق في جامعته في جنوب المكسيك، ، والطلاب يعاملونه بطريقة رسمية، مثلما يعامله موظفي الإدارة والخدمات باحترام كبير. كما يكون له دورا كبيرا عند تنظيم ندوة بحثية، ومن المعتاد في جامعته أن فتح وغلق الاجتماع يكون من اختصاص السلطات الأكاديمية. وعندما وصل إلى الولايات المتحدة، وجد أن المعلمين يرتدون ملابس غير رسمية، بالمقارنة مع ما اعتاد عليه في المكسيك. وأن الطلاب يتعاملون معه بتقرب وثقة أكبر وعلى نحو أقل رسمية ، كما أنهم نشطون جدا في الصف، وطرح الأسئلة وحتى يستفهمون حول ما يقوله المعلم. وفي الحلقات النقاشية، يُتبع الوضعية العملية وتدرج المحتويات دون مزيد من التأخير.
في هذا المثال، يفترض الزميل الزائر في الولايات المتحدة أن يجد نفسه ضمن وضع من الاتصال بين الثقافات يعرضه لعملية من المزج الثقافي. فهو من الممكن أن يتبع استراتيجية الامتصاص أو العزل أو الاستراتيجيات الأخرى بالاعتماد على سلوكه و التفاعل الذي يتطور في سياق المتلقي.
وتحدث حالات أخرى مشابهة في الممارسة الرقمية مفتوحة حيث يترتب على إستخدام الموارد التعليمية المفتوحة وجود حالات من التواصل بين الثقافات وبالتالي عمليات من المزج الثقافي. فعلى سبيل المثال، يترتب على إعادة استخدام المحتوى التواصل مع مواد من لغة أخرى أو من ثقافة أخرى أو ببساطة منتجة في سياق مؤسسي مختلف يكون فيها عنصر من التنوع. وغالباً ما تتطلب المشاركة في المساقات الجماعية الالكترونية المفتوحة المصادر مستوى واسع من التفاعل مع طلاب من بلدان أخرى كما يعرضنا الوصول إلى الموارد عبر الإنترنت بلغات أخرى لعملية من التنشئة الاجتماعية الهجينة بين ثقافتنا المباشرة والتأثيرات التي تأتي من الآخرين وأن نشر توزيع أو استخدام البيانات المفتوحة تزيد من احتمالية التواصل مع فرق البحث الدولية وهكذا.
الثقافة بالمقارنة
ما هي الفروقات بين الهولنديين و الأردنيين؟ ما هي الفروقات بين الأردنيين و المغربيين؟ يمكن لهذه الأسئلة أن تقودنا إلى استخدام أوصاف ذات صور نمطية لكل مجموعة قومية والى أن نفترض أن الأفراد الذين ينتمون لكل فئة متماثلين ثقافياً. من جهة، نعلم أننا إذا قارننا الهولنديين بالأردنيين سنجد فروقات في المعتقدات والقيم والعادات. ومن جهة أخرى، نعلم أن هذه الممارسات تعتمد على ظروف الحياة المادية والتاريخ الجماعي والجوانب الاقتصادية الاجتماعية.
واحدة من مزايا نموذج المزج الثقافي إنها تسمح لنا بالتحدث عن القيم و الممارسات الثقافية بشكل نسبي. إنها لا تعتبر الخصائص الثقافية أملاك غير منقولة للجماعات أو الأفراد. بل على العكس، الممارسات الثقافية متغيرة و تتطور باستمرار و الفروقات الفردية يمكن إيجادها داخل كل مجموعة.
ولكن عند تجميع مقارنات لأفراد من مجتمعات أو أقاليم أو بلدان مختلفة، نجد غالباً اختلافات في قيمهم وسلوكهم و تصرفاتهم. في تلك الحالة، نتحدث عن “تباعد ثقافي.” وهذا النهج يتيح امكانية تجنب الفهم الجوهري للثقافة. بدلاً من ذلك، فانه يفترض تقييم أنماط سلوك الأفراد والجماعات بشكل تجريبي ويصف التباعد الثقافي بينهم و يطبيق الاستراتيجيات البراجماتية لتسهيل التواصل بين الثقافات.
أظهرت دراسة الثقافات القومية أن الفروقات في القيم و العادات مرتبطة بقوة بالعوامل الاقتصادية و الاجتماعية والتنمية. لكنها تميل للاستقرار الى حد ما مع مرور الزمن حيث تتغير الجماعات المختلفة في الوقت ذاته. ولهذا السبب من المفيد فهم التباعد الثقافي حتى لو كنا نعتبر أن هذه الخصائص مشروطة تاريخياً وأنه لا توجد نزعة ثقافية للانتماء لمجموعة معينة.
بيئات التعلم الشخصية المغايرة
إن بيئة التعلم الشخصية هي مجموعة من الموارد والعلاقات ومصادر المعلومات التي يستخدمها الفرد من أجل التعلم الشخصي. يهدف هذا المفهوم إلى إظهار أن (أ) كل شخص لديه عناصر مختلفة في بيئته (ب) ضرورة التنظيم الذاتي لتعليمه (ج) أن للسياق الذي اكتسب فيه التعلم غير الرسمي الأهمية.
تعتبر المدونات وقوائم الرسائل الإلكترونية والمساقات الجماعية الالكترونية المفتوحة المصادر موارداً يدمجها كل شخص في تعليمه الشخصي كمصادر للمعلومات ووسائل لنشر تأملاتهم أو توجيه تعلمهم، وكمساحات للتفاعل مع أناس آخرين. إن الموارد التعليمية المفتوحة توفر فرصاً للاتصال بأناس وجماعات متنوعة وكذلك تكييف شبكة التعلم.
ولنأخذ مثالا على ذلك، طالبة الدكتوراه الأردنية التي تبدأ بنشر محاضراتها في مخزن للمحتوى المفتوح مثل Slideshare. في البداية هي تنظر للأمر على أنه وسيلة لنشر بحثها لباحثين آخرين في المنطقة. ولكنها هذه الوسيلة تصبح على الفور فرصة للتفاعل والتعلم. فيتواصل معها باحثون آخرون أو يعلقون على محاضراتها أو يشاركون دراسات مماثلة قاموا بها. فالطبيعة المفتوحة للمحتوى تتيح لها أن تتواصل مع أناس خارج دائرتها الاجتماعية المباشرة ومن دول ومؤسسات مختلفة، مما يزيد من تنوع شبكتها الأكاديمية الشخصية. بفضل هذه الشبكة المغايرة، تحصل على نوع مختلف من التغذية الراجعة التي تسمح لها بالإبداع في بحثها.
التباعد الثقافي والاستعداد لتبني الموارد التعليمية المفتو
المهاجرون في أستراليا
تعتبر أستراليا إلى جانب الولايات المتحدة وكندا، واحدة الوجهات الكلاسيكية لدى المهاجرين. لديها نسبة عالية من السكان من الأصول الأجنبية: على الأقل واحد من بين كل أربع مقيمين في أستراليا مولود في بلد آخر. منذ القرن الثامن عشر، استقبلت أستراليا موجات متتالية من السكان الأجانب الذين انضموا إلى السكان الأصليين الذين سكنوا منطقة أستراليا. بالتالي فهو بلد واسع التنوع حيث تشيع حالات التواصل بين الثقافات.
في هذا السياق، أجرت مجموعة من أخصائيي علم النفس الأستراليين تحليلاً شاملاً للفروقات الفردية في عملية نحو التكييف النفسي للمهاجرين. وقاموا بتقييم العوامل التي تتنبأ بـــــ (1) الرخاء النفسي الموضوعي و (2) الرخاء المادي و(3) الاندماج الاجتماعي مع أفراد المجتمع المحلي المستقبل، وقاموا بمقارنة تنبؤات كل مخرج.
وكان أول شيء لاحظوه أن التعديل النفسي في أستراليا كان مرتبطاً بشكل واضح بوضع الفرد قبل الانتقال. يعني هذا أن مستوى الرخاء النفسي و المادي و الاجتماعي قبل الهجرة يرتبط بالمستوى المقابل من التعديل بعد الانتقال للعيش في أستراليا. الأمر الثاني، وجدوا تنبؤات محددة تعتمد على كل مؤشر للتكييف:
- أظهر المهاجرون الذين لديهم تجربة ثقافية سابقة (لأنهم على سبيل المثال قد سبق لهم وأن هاجروا إلى بلد آخر قبل الانتقال للعيش في أستراليا) رخاءً عاطفياً أفضل و ظروف معيشة مادية أفضل. كما أظهر الرجال نسبياً رخاءً موضوعياً أعلى من النساء.
- كان الاندماج الاجتماعي مع الأستراليين أعلى بين المهاجرين الشباب. ثانياً، كان الإمتصاص في المجتمع المحلي متأثرا بالتشابه الثقافي بين الأصل و الوجهة. على سبيل المثال، كان للقادمين من المناطق الريفية ومن الأسر النووية ظروف يستوعبون بشكل أفضل، لأنهم يعيشون في أستراليا في مناطق زراعية حيث يكون من غير المألوف أن يعيشوا مع أفراد الأسرة الممتدة. كما تكيف المهاجرون الذين يعرفون بعض الاستراليين قبل وصولهم إلى أستراليا أو الذين يأتون من بلد ذي خلفية ثقافية مماثلة بشكل أفضل. فعلى سبيل المثال، كان البريطانيون أو النيوزيلنديون أقل صعوبة في التكيف من الصينيين أو الهنود.
سكوت وسكوت (1989).
يظهر البحث الذي لخصناه في الصندوق أعلاه أن هناك فروقات فردية جوهرية في درجة القابلية للاتصال بين الثقافات، الأمر الذي يؤثر على نتائج تكيف المهاجرين. فالناس الذين مروا بتجربة سابقة في بيئة متعددة الثقافات ويكون التباعد الثقافي لديهم أقلون من المجتمع المستقبل لهم يظهر مؤشرات موضوعية أفضل للتكيف.
غالباً ما تحدث في المساقات الجماعية الالكترونية المفتوحة المصادر مواقف للتواصل بين الثقافات. لنفترض أن كورسيرا يقدم مساقاً في البرمجة حيث يمكن للطلاب من أنحاء العالم المشاركة فيه. من بين مؤشرات التقييم الأخرى، يقيم المدرسين تفاعل الطلاب في المنتديات عبر الإنترنت. فإذا رسمنا خطاً متوازياً للبحث حول المهاجرين الدوليين، يتوجب علينا أن نفترض أن ليس جميع الطلاب لديهم نفس المقدار من الجاهزية للاستفادة من المساق. على سبيل المثال:
- من المحتمل أن يظهر الإنجاز الأكاديمي في المساق الجماعي الالكتروني المفتوح المصدر علاقة إيجابية مع الأداء الأكاديمي السابق للطالب قبل المشاركة في هذا النوع من المساق.
- ان الطلاب الذين سبق و أن شاركوا في مساق رقمي عن بعد أو الذين يملكون تجربة سابقة في سياقات التعلم متعددة الثقافات لديهم أفضلية مقارنة ينبغي أن تسهل عليهم استخدام المساق الجماعي الالكتروني المفتوح المصدر.
- لدى طلاب الجامعة الشباب بشكل عام خاصية تسهل الانصهار الاجتماعي مع طلاب من بلدان أخرى.
- سيجد الطلاب المعتادين على اللغة وسياق الجامعة الخاص بالمساق صعوبة أقل لتحقيق أداء أكاديمي كافٍ.
- إذا كان للجامعة في بلدك خلفية متعددة الثقافات وارتباطات دولية، سيكون من الأسهل التأقلم مع المساق المساق الجماعي الالكتروني المفتوح المصدر الذي لديه جمهور دولي.