الدرس 2.1: مقدمة في حقوق النشر والترخيص المفتوح

حقوق النشر

وفقا للمنظمة العالمية للملكية الدولية، فإن “حق النشر هو مصطلح قانوني يستخدم لوصف الحقوق التي يتمتع بها المؤلفون على أعمالهم الأدبية والفنية. وتتراوح الأعمال التي تشملها حقوق النشر بين الكتب والموسيقى واللوحات والنحت والأفلام، وبرامج الكمبيوتر وقواعد البيانات والإعلانات والخرائط والرسومات الفنية” وتكون هذه المصنفات محمية من إعادة إنتاجها أو تنفيذها أو تسجيلها أو التعديل عليها دون الحصول على إذن مكتوب من المؤلف.وهذا من شأنه ان يؤثر على المواد التي يمكن للمعلمين الحصول عليها و كيفية استخدامها.

يختلف مستوى ونوع حماية حق النشر بين الدول ولكن بشكل عام، يعتبر حق النشر إقليميا، مما يعني أنه لا يمتد إلى إقليم دولة معينة ما لم تكن تلك الدولة طرفا في اتفاق دولي. من جهة اخرى تم تنسيق العديد من جوانب قوانين حق النشــــــــــــــر الوطنية من خلال الاتفاقات الدولية لحق النشــــــــــــــر (على سبيل المثال، انظر  Berne Convention ، ومع ذلك فإن قوانين حق النشر في معظم البلدان تتسم ببعض السمات الفريدة.

وعادة ما تكون حقوق الطبع والنشر لفترة محدودة. فقد تختلف فترة الحماية في التشريعات القضائية المختلفة، وتعتمد هذه  مدة الفترة على عوامل متعددة بما في ذلك،  نوع العمل (على سبيل المثال ،  المقطوعة الموسيقية   أو  الرواية  ) ، وما إذا كان قد تم نشر العمل مسبقا أم لا ، وما إذا كان العمل قد تم إنشاؤه من قبل فرد أو شركة. وفي معظم أنحاء العالم ، تكون الفترة الزمنية الافتراضية لحقوق الطبع والنشر هي حياة المؤلف بالإضافة إلى 50 أو 70 عامًا.

كما أن القوانين والاتفاقيات المحلية والدولية تضمن أن حقوق الطبع والنشر المطبقة في بلد ما معترف بها وهي محمية في كثير من البلدان الأخرى.

وكثيرا ما يتقاسم عدة مؤلفين حقوق الطبع و النشر ويحتفظ كل منهم بمجموعة من حقوقهم لاستخدام العمل أولترخيصه، ويشار اليهم بالمؤلفين وتضمن هذه الحقوق( التي تعرف أيضا باسم “حقوق المؤلفين)حماية المصالح االاقتصادية – كالنسخ والسيطرة على الاعمال المشتقة والتوزيع – وكذلك مصالحهم الاخلاقية) مثل الحماية من استخدام اعمالهم بطريقة غير قانونية إليها عادة باسم أصحاب الحقوق.

وعلاوة على ذلك، قد لا يقتصر حق النشر و الطبع لعمل معين على المؤلفين والمدبعين فحسب. مما يترتب عليه آثار مهمة جداً بالنسبة للمعلمين، لأنه و في العديد من الحالات يتم الأخذ بالاعتبار أن الجامعات تعتبر كأصحاب لحقوق الطبع والنشر للأعمال التي ينتجها موظفيها. ولذلك وبمقتضى إطار المشاع الإبداعي ستحتاج الجامعات لإذن الموظفين قبل أن تقوم بنشر أعمالهم ومؤلفاتهم.

يعد قانون آن الذي سن في انكلترا في عام 1710 أول قانون لحقوق الطبع والنشر في العالم. وقد أدخل لأول مرة في التاريخ مفهوم مؤلف العمل و كونه صاحب حق النشر وبأمكانه وضع شروط ثابتة لحماية مؤلفاته. أما في هذه الايام فيوجد لكل دولة قوانين النشر الخاصة بها وبالرغم من ذلك فهناك قوانين دولية معظمها مستند على اتفاقية برن. واعتمادا على هذه الاتفاقية فان كل دولة تقدم مصنفات أصلية من أي بلد يكون لها نفس الحماية، بغض النظر عن قوانين البلد الذي صدرت فيه. فعلى سبيل المثال إذا عثرت على كتاب إلكتروني عبر الإنترنت من قبل مؤلف من بلد آخر، فهو محمي بموجب قوانين حقوق الطبع والنشر نفسها ككتاب من مؤلف من بلدك. وتنص اتفاقية بيرن   على حماية حق المؤلف “لكل إنتاج في المجال الأدبي والعلمي والفني، أيا كان شكله أو طبيعته”. ولذلك، فإن ما يكمن في صميم قانون حق المؤلف هو التمييز بين المصنفات الفنية والأفكار البسيطة.

يحمي قانون حق النشر طريقة التعبير عن الأفكار، وليس الأفكار نفسها وبذلك فإن استخدام الأفكار في عمل ما لا يمثل انتهاكا لحقوق الطبع والنشر أما نسخ الأفكار بحرفية فهو انتهاك لحقوق النشر .

وتجدر الإشارة إلى أن حق النشر يحمي ” المصنفات المشتقة من العمل الأصلي” – مثل الترجمات و الأعمال المقتبسة والموسيقى ولكن دون الإخلال بحق نشر العمل السابق. وبعبارة أخرى، يحتاج المترجم أولا إلى الحصول على إذن من مؤلف العمل قبل القيام بعملية الترجمة. وبرامج الحاسوب وقواعد البيانات أيضا محمية بموجب قوانين حق النشر في عدد من الدول بموجب الاتحاد الأوروبي و معاهدة الويبو المتعلقة بحق النشر.

ومع مجيء العصر الرقمي، أصبحت حقوق التأليف والنشر تواجه العديد من القضايا لأن القيود المفروضة على كيفية استخدام المعلومات لا تتناسب دائما مع كيفية استخدامنا للمعلومات ومشاركتها في المجال الرقمي؛ وعلاوة على ذلك، يستفيد المجتمع أكثر من أنواع معينة من المعلومات التي يمكن تداولها بحرية. عندما يمكن تداولها بحرية.

تخضع حماية حق النشر لنوعين من القيود لضمان توازن عادل بين مصالح المستخدمين و أصحاب الحقوق. فمن ناحية، تكون المصنفات محمية لفترة معينة من الزمن ويمكن استعمالها بحرية بعد انتهاء هذه الفترة. ومن ناحية أخرى فيوجد عدد من الاستثناءات والتقييدات خلال فترة الحماية، التي تسمح باستخدام المصنفات المحمية بموجب حقوق الطبع والنشر دون الترخيص من مالك حقوق الطبع والنشر.

ومن المنظور التعليمي، فإن الفئة الرئيسية للاستثناء تدعى “الاستخدام العادل”، وهي تتعلق بأفعال الاستغلال المعينة،  وتتطلب بالعادة الحصول على إذن من صاحب الحقوق، الذي يجوز، في ظل ظروف صارمة، أن يتم استخدام المعلومات دون إذن. ومن الأمثلة على الاستخدام العادل ما يلي: الاشتقاق للعمل من المصنفات المحمية مع ذكر مصدر الاقتباس واسم المؤلف؛ واستخدامها  على سبيل التوضيح لأغراض التدريس والتقارير الإخبارية. ومن المثير للاهتمام أن الاستثناءات والتقييدات لم يتم تشريعها على الصعيد الدولي.

يعتبر الحق بالاقتباس الاستثناء الإلزامي الوحيد المنصوص عليه في اتفاقية برن. ومع ذلك، فإن جميع قوانين حق المؤلف الوطنية تمنح بعض الاستثناءات والتقييدات استنادا إلى مفهوم “المصلحة المشروعة” والتي تنقسم إلى أربع فئات رئيسية وهي: تعزيز حرية التعبير (اقتباس المصنفات لأغراض النقد أو المحاكاة الساخرة)؛ و الوصول للمعرفة (مثل استبدال النسخ المفقودة أو التالفة في المكتبات؛ وإصدار نسخ بديلة مطبوعة على نطاق واسع أو بطريقة برايل للقراءة للاعمال المحمية بحقوق الطبع والنشر للأشخاص المعاقين بصريا)؛ ولتطبيق العدالة و لأغراض متعلقة بأداء الحكومة (مثل النصوص الرسمية وأحكام المحاكم)؛ وأخيرا، للإستخدام الخاص أو الشخصي.  ومع ذلك، فيجوز لصاحب الحقوق أيضا أن يقرر التخلي عن ممارسته للحقوق، كليا أو جزئيا (أي نشر مواد محمية بحقوق التأليف والنشر على الإنترنت مقابل رسوم، أو تقييد التخلي عن الاستخدام غير التجاري. (http://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/BRIE/2015/564380/EPRS_BRI(2015)564380_EN.pdf).

 

التراخيص الحرة والتراخيص المفتوحة

ازداد في السنوات الأخيرة عدد حركات التراخيص المفتوحة المتعلقة بحق المؤلف كرد على التحديات الحالية بتحفيز كبير من مجموعات البرمجيات المفتوحة.

إن الترخيص العام  أو رخصة حقوق الطبع والنشر العامة هو ترخيص يمكن بموجبه لصاحب حقوق الطبع والنشر بصفته مرخصًا أن يمنح أذونات إضافية لحقوق الطبع والنشر لأي شخص أو لجميع الأشخاص في العموم بصفتهم مرخصين. وتعتبر التراخيص المفتوحة استخدامًا جديدًا لقانون حقوق الطبع والنشر الحالي لضمان بقاء العمل متاحًا بحرية مما يعزز الانفتاح والحركة الحرة للمعرفة.

الترخيص المفتوح هو عبارة عن اتفاقية ترخيص تصف الشروط التي يمنحها صاحب الملكية الفكرية للمستخدمين من أجل ممارسة استخدامات متنوعة لأعماله الفكرية أو الفنية. ومن خلال التراخيص المفتوحة ، يمنح المؤلفون الإذن للمستخدمين لإعادة إنتاج العمل أو تكييفه أو توزيعه ، مع ما يقترن بذلك من ضرورة أن تكون أي نسخ أو تعديلات ناتجة مرتبطة بنفس اتفاقية الترخيص. ومن أمثلة هذه التراخيص رخصة جنو العمومية العامة – وهي رخصة برمجيات الحقوق المتروكة الأكثر استخدامًا – وكذلك تراخيص المشاع الإبداعي.

تعتبر تراخيص البرمجيات الحرة  من الأدوات القانونية المستخدمة منذ الثمانينات لتشجيع تطوير البرمجيات الحرة وتوزيعها: فهي أفعال قانونية يقوم المؤلف بموجبها بترخيص حقوق الطبع والنشر (وحقوق براءات الاختراع) للسماح للمستخدمين بالتمتع بالحريات التي يوفرها مفهوم البرمجيات الحرة. لذلك، حتى يكون البرنامج من البرمجيات الحرة، يكفي أن يقوم صاحب الحق بتوزيعه بموجب شروط التراخيص المناسبة: رخصة البرمجيات الحرة.

كتب ريتشارد ستالمان في عام 1989، النسخة الأولى من رخصة غنو-غل GNU-GPL، عن طريق توحيد التراخيص المماثلة التي قام باستخدامها  في الإصدارات السابقة من برامجه. ويتم اعتماد رخصة جنو-غل في الوقت الحاضر من قبل عدد كبير من المشاريع وهي تعتبر محور حركات البرمجيات الحرة. ويعود السبب الرئيسي لتبني هذا الترخيص لأسباب تاريخية (بما أنه الترخيص الذي أنشأه ريتشارد ستالمان، مؤسس حركة البرمجيات الحرة)، ولكن أيضا لأسباب عملية: حيث أن هندسة هذه التراخيص محببة لنشر البرمجيات الحرة. في الواقع، تنص غنو-غل على أنه يسمح للمستخدم بتعديل وإعادة توزيع البرامج المرخصة بموجب هذا الترخيص شريطة أن تكون النسخة المعدلة مرخصة بدورها بموجب بنود الترخيص نفسه.

باختصار، فإن التراخيص المفتوحة تعزز المشاركة حيث أنها تسمح لكل من يريد تعديل المحتوى وتوزيعه (أو في بعض الأحيان باستخدامه عن بعد) أن يفعل ذلك بشرط أن يعطي بدوره للمستخدمين نفس الحريات التي مُنحت له.